الخميس، 29 يوليو 2010

بين الرؤية و السماع

بين الرؤية و السماع






سيناريو







1) ـ لقطة متوسطة






نخــــــيـل










2) ـ لقطة قريبة






نخلة تتخذ شكل الصليــب


الذي تحولت أذرعــه إلى


أهلّة بتقوس السعف














3) ـ لقطة بعيدة






سمـــاء ...          يسمع صوت محركات


طـائرة تحـلق متــخذة      الطائرة في نهـاية


شكل الصليب                اللقطة














4) ـ لقطة بعيدة (من الجو)






مبنى يرى سطحه و تظهــر        محادثة لاسلكية غــير


عـلامة التسديد كالصليب ..        واضحة ممتزجـة


يقصف المبنى                      بصوت محـركات


الطائرة










5) ـ لقطة متوسطة






سمــاء......


طـــيور متخـــذة شـكل          صوت دوي الانفجار


الصليـب .. صلـبان محلقة        و صوت المحركات


مذعورة تعبر الـكادر من


أسـفل اليمــين إلى أعـلى


اليسار










6) ـ لقطة بانوراما


قتـلى و جرحى .. ركـام         أصوات بشـريـة


مبـان .. سيارات إسعـاف       صارخة مختلطة


تحمل عـلامة الصليب ..       بـصوت أبـواق


نسـاء و رجـال يرتدون        سيارات الإسعاف


زيا موحدا عليه علامـة


الصليب














7) ـ لقطة مقربة جدا






ذقـن حلـيق .. و يـاقـة      صوت المذيع : أيها الأخوة


قميص أبيض و ربـطة    المشاهدون إنها حرب صليبية


عنق زرقـاء بلون قاتم     عـلى الإسلام و المسلمين..


يمس طـرفها الأطـول     نعم إنها حرب صليبية لا شك


حافة الكادر السفـلى و فوق    فـي ذلك .. هاهم الصليبيون


القميص سـترة سوداء أنيقة     يدمرون قـرانا و مدننا


من الحريــر .. التشـكـيل    و يقتـلون الأطفال و النساء


يوحي بشكل الصلــيب ..    و الرجال و الشباب و العجزة


يبدو الوجه بحركة الكاميرا      و الرضع ...


كاملا














8) ـ لقطة مبتعدة






نساء و رجــال الصليــب الأحمر     صوت المذيع : أيها الأخوة


منهمكون في إخلاء القتـلى       المشاهدون إنها حـرب صـليـبية


و إسعـاف الجرحى          عـلى الإسلام و المسلمين..


                             نعم إنها حرب صليبية لا شك


                             فـي ذلك .. هاهم الصليبيون


                             يدمـرون قـرانا و مـدننا


                           و يقتــلون الأطفال و النساء


                       و الرجال و الشباب و العجزة


                         و الرضع ...










9) ـ لقطة زوم (منقضة)






من بين العدد الكـبير من             صوت المذيع : أيها الأخـوة


الأشخاص تختار الكاميرا          المشاهدون إنها حـرب صـليـبية


أحـد رجال الصليب                 عـلى الإسـلام و المسلمين..


الأحمر... تقترب منه ..            نعم إنها حرب صليبية لا شك


الوجـه ملطخ بالدمـاء ..          فـي ذلك .. هـاهم الصليبيون


الحـزن باد بــقوة في             يدمـرون قــرانا و مـدننا


العيـنـين .. يســتدير             ويقتـلون الأطفال و النساء


متوغـــلا في العمق ..         و الرجال و الشباب و العجزة


تثبت اللقطة على الصليب       و الرضع ...


المرسوم على ظهره










10/2006












الأربعاء، 28 يوليو 2010

سيناريست يدعى الدماغ

سيناريست يدعى الدماغ







سيناريو



اللقطات من ثلاثة مشاهد : المشهد الأول نهار ــ غابة و المشهد الثاني نهار ـــ شارع و في النهاية مشهد داخلي ــ منزل









1) لقطة متوسطة










غابة ... تبرز بين الأشجار    أصوات زقـزقـة العصافير


لافتة معدنية يعلوها بعض     وغيرها من الأصوات التي


الصدأ.. تقترب منها الكاميرا   يمكن أن تسمع في الغابة


بحيث يمكن قراءة ما كتب


عليها :"حقل ألغام"






2) لقطة عامة






شارع .. به حركة ملحوظة   أصـوات الـناس


للناس و السيارات .. تخـتار   و السيـارات


الكاميرا من بين الناس امــرأة


جميلة في مقتبل العمر تســـير


مسرعة خارجة من الزحـام


إلى بقعة أقل زحاما










3) لقطة متوسطة






غابة .. يدخل رجل الكـادر   أصـوات الغـابة مع


من جهة اليمين .. يتــأمل     موسيقى معبرة


اللافتة المعدنية التي تحذر


من حقل الألغام .. تصاحبه


الكاميرا و هو يتحرك مبتعدا










4) لقطة متوسطة






شارع .. المــرأة تواصـل    أصوات الشـارع مع


سيرها المسرع مع كـثرة    موسيقى معبرة


التلفت إلى يمينها و يسـارها


وإلى خلفها










5) لقطة قريبة






شارع .. ثلاثة شبان يتبعون    أصـوات الشـارع .. تخفت


المرأة التي تخرج من يمين     تدريجيا بسبب خفة الزحام


الكادر و الخوف باد عــــلى    و بسـبب الارتفاع التدريجي


وجهها .. أما وجوه الشبـــان    للمـوسيقى المصاحبة


فتعلوها ابتسامة ماكرة






6) لقطة بعيدة






غابة ... الرجل يبدو ضئيلا    موسيقى


تائها






















7) لقطة قريبة






غابة ..يمر الرجــل بلافتـة


تحذيرية أخــــرى يبتعد     أصوات الغابة مع موسيقى


عنها و على وجهه علامات


الخوف و التعب






8) لقطة متوسطة






شارع ... يتـفرق الشبان     أصوات الشارع و الموسيقى


الثـلاثة أحدهم إلى جهة


اليمين و ثان إلى جهة اليسار


بينما يظل الثـالث يســير في


اتجاه الكاميرا






9) لقطة بانوراما






غابة ... ثمة حـركة غريبـة    أصوات الغابة .. يسمــع في


للأعشاب و الشجـيـرات        نهـاية اللــقـطة عــواء


الصغيرة ... تتحرك الكاميرا    ذئب بوضوح


بحركة استعراضية لنـــرى


الرجل وقد لاحظ هذه الحركة


و الخوف باد على وجهه






10)لقطة متوسطة






شارع ... الـمـرأة تسـيــر      موســيقـى و يســمـع


مسرعة في اتجـاه الـكاميرا    صـوت إطــارات السيارة


.. يتحول السير إلى جـري     أثناء الفرملة و صوت المنبه


و الشبان في إثــرها تعبـر     الذي يشبه عواء الذئب


الطريق تكاد تدهسها سيارة


شرطة مسرعة تنطلق السيارة


معرقلة الشباب قليلا










11)لقطة راكضة أو ملاحقة






غابة .. الرجـل يـركض ..       موسيقى


و تبدو الذئاب بين الأعشـاب


غابة ..يمر الرجل بلافتـة


و هي تطارده يمـر الرجـل


بلافـتة تحـذيـرية ينحـرف


قليلا










12)لقطة متوسطة






شارع .. تنطلق المرأة مبتعدة      موسيقى


عن الكاميرا .. يدخل الشبان


الثلاثة الكادر من أسفل و مـن


اليمين و من اليسار منطلـقين


في أثر المرأة










13)لقطة متوسطة






غابة .. الرجـل يـركض ..     صوت لهاث .. أصوات


يدوس ذئب على لغم يرى      الانفجارين


الغـبار المـتطاير بسـبب


الانفـجـــار. ينبطح الرجل ..


انفجار آخر










14)لقطة قريبة






تطل الكاميرا من نافذة من داخل     صوت الطرق على الباب


المنزل لنرى المرأة تدق البــاب


بعنف






15)لقطة قريبة






بانفجار ثالث .. ينتفـض الرجل     صوت الانفجـار


المنبطـح .. يتطاير الغبـار










16) لقطة قريبة


منزل .. غــرفة النـوم.. يـلقي     صوت الطرق على الباب


الرجل الذي كان نائما في سريره


بالـغـطاء مذعـورا و يقـفز من


سـريره مـسرعا نحو الباب (و هو


الرجل نفسه الذي ظهر في اللقطات


السابقة في الغابة)


.. و يفـضل في المونتاج مـزج


نهاية اللقـطة (15) ببداية اللقطة


الأخيرة ليحل الغـطاء المـلقى به


محـل الغبـار المـتـطاير بــسبب


الانفجار و يتم المزج في الصـوت


أيضا














10/2006








السبت، 24 يوليو 2010

اللي بيته من أكراد


اللي بيته من أكراد




(اللي بيته من أكراد ما يحدفش الآخرين بالسفن)



        هذه العبارة ربما قالها ناتنياهو ناصحا بها أردوغان أو ربما كانت لسان حال العلمانيين في تركيا أو لسان حال المدافعين عن حقوق الإنسان أو لسان حال أوجلان .. فبعد حادث الهجوم الإسرائيلي على سفينة مرمرة المشاركة في أسطول الحرية المنطلق من الموانئ التركية لوحظ ازدياد نشاط حزب العمال الكردستاني في تركيا و قيامه بالعديد من العمليات العنيفة و تنظيم التظاهرات الشعبية .. و قد راجت تكهنات بوجود ارتباط بين ما حدث من انطلاق أسطول الحرية بدعم تركي لإحراج إسرائيل و بين هذا التنامي في العنف الكردي و ذهب البعض للقول بأن إسرائيل تقف وراء هذا الحزب و تدعمه

 






الأكراد شعب شديد المراس ظلوا على خلاف و خصومة مع الدولة العثمانية منذ قرون حتى إبان سيطرتها على معظم البلاد العربية فيما عرف بالخلافة العثمانية و قد فشلت محاولات هذه الخلافة في كسر شوكتهم و في ترحيلهم من وطنهم و توطينهم في أماكن أخرى و قد جاءت ببعضهم إلى ليبيا و لكن ما لبثوا أن عادوا من حيث أتوا .. و هم من سكان هذا المكان الذي يشمل بعضا من سوريا و العراق و إيران و تركيا .. و منهم الأيوبيون الذين ينحدر منهم صلاح الدين .. و أذكر أنني سمعت أحد الشعراء الليبيين في معرض السخرية من العرب يقول في شطرة من بيت :



..................................................... و حتى صلاح الدين في لصل م لّكراد




رسائل بوشمارو

رسائل بوشمارو إلى أمه*




       هو بوشمارو السويسري والده يدعى لشتالو .. كان قد مات في إحدى رحلاته للصيد .. و أمه تدعى لشتروما .. كان شابا مولعا بصيد الخنازير البرية في جبال الألب .. ذات ليلة انطلق مع كلبه و كان كلب صيد ماهرا .. كانت ليلة دامسة الظلام و الكلب يكتشف شيئا غريبا و يفقد هدوءه السويسري و تعتريه هستيريا الطراد .. لم يكن خنزيرا بريا حينما لمحه بوشمارو على ضوء البيلا .. استمرت المطاردة حتى شروق الشمس حينما اكتشف بوشمارو و كلبه نفسيهما أنهما قد دخلا ليبيا .. عرفا ذلك من صياد استطاع و كلبه الإمساك بالطريدة التي كانا يطاردانها فإذا هي صيد ليل .. شرح الصياد الليبي لزميله السويسري بلغة إنجليزية ركيكة حكاية صيد الليل الذي كان إنسانا و مسخه الله بهذه الصورة لذنب ما و أسمعه نص اللعنة : عيشتك جهير و مونتك حفير .. الكلب ينبح و العصا تنقح .. شاة مباح حلال بذباح و بلا ذباح .. و شرحها الكلب لزميله بلغة كلبية فصيحة لأن لغة الكلاب عالمية .. قال الكلب السويسري : - مسكين هالصيد أزعمه جده أيش داير؟

رد الكلب الليبي : - يستر الله بلكي حتى نا و ياك مساخيط كيفه



        أما بوشمارو فقد انهمك في تناول اللحم المشوي الذي يتذوقه للمرة الأولى .. سأل بوشمارو عن اسم المنطقة فأخبره زميله بأنها تسمى سيقرة و هي التي يقول فيها الشاعر :

لو كان يا ميلانو .. ياخذوا مكانك سيقرة و اردانو .. و تجي عندنا



       أرسل بوشمارو إلى أمه رسائل عديدة يحدثها فيها عن الليبيين و حياتهم و كيف يفكرون .. منها ولعهم بالضيق و عشقهم للقولبة و كرههم للتمايز .. فبينما لديهم أبجدية من 28 حرفا تعطيهم اختيارات متعددة تجد الأسرة على كثرة أولادها و بناتها توحد بداية أسمائهم لتبدأ جميعا بالحرف نفسه .. و ربما قادهم ذلك لتوحيد أسماء القبيلة لتبدأ بحرف واحد

       و من غريب ما لفت نظره أن فقيرهم يتزوج أكثر من واحدة ربما تحت شعار هي خاربة خاربة أو هو مو نايض مو نايض بينما يكتفي غنيهم بواحدة .. و إن الأمانة تلد و وليدها في التصعيد يهدى لأهلها .. و قد بعث إليها بشيء من صوب خليل بصوره السوريالية و حدثها عن الطيرة و الزرافة ليقول لها بأن الاتجاه السوريالي في الشخصية الليبية هو الغالب و هو عريق أصيل .. و قد بعث إليها بهذه القطعة الشعرية التي يبدو أنها أعجبته و هي تصب في الاتجاه ذاته :

رينا بصاير في السما يتماشن .. و جتّن بصيرة من بعيد و طاشن

بصاير عدة

و رينا بصيرة بينهن ممتدة

و جاهن بصير كبير واصل حده

كلا روسّن لاكن بلاهن عاشن

.. و كانت أمه تدعوه في رسائلها دائما للعودة إلى أرض الوطن و ترك الليبيين و أفكارهم الغريبة



و ننشر هنا إحدى رسائله التي ركز فيها على تعامل الليبيين مع الأرض .



في هذه الرسالة كتب بوشمارو يقول :

      أمي العزيزة الحمد لله أنك بصحة جيدة .. أما عن عودتي فاعذريني .. فلحم صيد الليل المشوي لا يماثله لحم في العالم كله .. كما أنني اكتشف من عجائب الليبيين ما لا يخطر على بال أي رسام أو كاتب سوريالي .. إن كاتب مسرحية في انتظار جودو لو عاش في ليبيا أسبوعا واحدا لما كتب تلك المسرحية .. و لأكتشف أن خياله السوريالي أو العبثي متواضع جدا .. كنت قد حدثتك عن بعض أفكارهم .. و منها ما سأحدثك عنه في هذه الرسالة و هو يتعلق بمعاملتهم للأرض .. من غريب ما لاحظته أن الليبيين يفرحون بالمطر الذي يحدث سيلا و يتباشرون بأخبار السيول و هي تنقل التراب إلى البحر .. و قد تعلمت من أصدقائي في الجبل الأخضر فنا أدبيا منتشرا في ليبيا و هو التغناي و التشتاي و هو تأليف الغناوي و الشتاوي و هو مثل (الهايك) الياباني .. و قد ألفت غناوة على موضوع السيل هذا .. تقول الغناوة :

السيل ف التراب إيشيل خراب و العرب فارحين به .

      و كتب لها ترجمتها .. ثم طوى الرسالة و وضعها بعنق كلبه المخلص كالعادة .. بعد شهر عاد الكلب حاملا رد أم بوشمارو .. كانت قد قرأت نص الغناوة أو الترجمة .. و ردت برسالة ليس بها إلا غناوة فقط .. تقول الغناوة :

اللي يفرحوا بالسيل عدو لرض ترجى خيرهم ؟





ـــــــــــــــــــــــــــــــ

* لشتالو , لشتروما , بوشمارو : أسماء مواقع بمنطقة عين مارة









الجمعة، 9 أبريل 2010

الكادر

الكـــــــــادر





السماء واسعة شاسعة .. الشمس لا يزاحمها إلا السحب الخائفة العابرة على عجل .. عطارد ينتظر كسوفا يطل من خلاله على جماهير النهار .. لم يعد قادرا على الانتظار و قد طالت مراوغة الشمس للقمر .. هاهو عطارد يزاحم الشمس في عز الظهر .. ليس ذلك فحسب .. إنه يتقرب منها ربما تحديا أو توددا أو فضولا .. من الصعب التكهن بما تفكر فيه الشموس أو الكواكب











و هو هنا بعد حوالي أسبوع أمام عدسات المصورين









مثل الشمس لا يحفل بالسحاب







و في لقطة أخرى يتجرأ على الوقوف إلى يسار الشمس











بعد يوم آخر يرى و هو يدنو أكثر من الشمس المحمرة









بعد حوالي ثلاثة أيام يظهر و الشمس تحاول الإمساك به أو تحاول احتضانه











بعد أقل من ثانية يختفي كأنما الشمس قد حكمت بنفيه أو بإعدامه .. يمكن نفي الخصم في حال السيطرة على المركز









بعدها بدقائق يعود للظهور من الزاوية السفلى اليمنى للكادر







و بعد أقل من ثانية يرصد مقتربا أو هاربا إلى الزاوية السفلى اليسرى











ثم بعد دقيقة إلى منتصف الضلع الأسفل للكادر .. أهو مؤشر على سوء العلاقة أم على تحسنها؟







و في أقل من ثانية إلى منتصف الضلع العلوي .. أهو الغزل أم التحدي؟









بعد ساعتين ليس سوى الشمس تحكم قبضتها على الكادر .. هاهي تطل من زاويته العليا اليمنى ؟.. أين يختفي عطارد؟ .. ما مصيره؟ .. يحدث النفي إذا خرج الخصمان من الكادر









هاهو يعود للاقتراب من الأسفل بعد دقيقتين فقط







و هاهو مضروب به عرض الحائط







نجحت الشمس في إخراجه من السماء و لم تنجح في إخراجه من الكادر .. أي شعور يرتسم على وجهها و هي تطل من فوق حافة الجدار .. هل يستطيع أن يعود إلى السماء مرة أخرى؟ .. ربما من الصعب عليه ذلك و قد افتضح أمره

أيهما الأوسع السماء أم الكادر؟



السبت، 13 مارس 2010

حادي بادي

حــــــــــادي بـــــــــــادي


شخصيات المسرحية


1 ــ حامد محمود .. ليبي .. شاعر من شعراء العربية


2 ــ نعيمة .. زوجة حامد


3 ــ مصطفى .. ليبي .. ناقد .. صديق لحامد و هشام


4 ــ هشام .. عربي .. من شعراء العربية


5 , 6 ــ (صبرة و زيغوت) ليبيان ريفيان من أقارب حامد


7, 8 , 9 ــ ثلاثة رجال أجانب (صهاينة)






المشهد الأول






المكان (مربوعة) .. حامد يجلس خلف طاولة في إحدى الزوايا .. على الطاولة بعض الأوراق و الكتب و جهاز هاتف .. و هناك أيضا مكتبة على أرففها عدد لا بأس به من الكتب .. حامد يكتب .. يبدو عليه الانتشاء بالكتابة و الاستغراق فيها .. تدخل زوجته نعيمة تحمل إليه القهوة .. تضعها أمامه .. تخرج .. يرشف بعض رشفات من القهوة .. يستمر في ما هو فيه .. يسمع صوت جرس الباب .. يخرج .. يغيب قليلا


صوت حامد : مرحبا .. مرحبا .. مرحبا يا للمفاجأة .. مرحبا (يدخل حامد و خلفه مصطفى و هشام) مرحبا . مرحبا .. تفضلوا .. غير معقول الشاعر الكبير الأستاذ هشام في بيتي !! .. أي شرف هذا .. مرحبا


(يمكن لهم أن يتحاوروا وقوفا أغلب الوقت .. و يمكن أن يشرع علي في تفقد مكتبة حامد و ربما يجاريه هشام في ذلك .. و كل ذلك و هم يتحاورون)


مصطفى (لحامد) : الأستاذ و الشاعر الكبير هشام شرفنا بزيارة الجماهيرية .. و أصر على زيارتك يا أستاذ حامد باعتبارك أحد شعرائنا البارزين


حامد (مبتهجا) : الحقيقة .. في الواقع .. شرف كبير لي أن يشرفنا شاعر العروبة بلا منازع بزيارة .. مرحبا أستاذ هشام .. مرحبا أستاذ مصطفى


هشام : بل يشرفني أنا أن ألتقي بك أستاذ حامد


حامد : شكرا .. شكرا .. ذلك ما يشرفني أنا في الواقع (يدعوهما للجلوس) تفضلوا .. تفضلوا .. عن أذنكم (يخرج)


هشام : الأستاذ حامد متواضع جدا


مصطفى : هكذا هم الشعراء المكافحين .. المكافحون ..


هشام : يعني المثقف الصعلوك


حامد (و هو يدخل حاملا صفرة عليها أكواب العصير) : شرفتونا .. مرحبا .. (يقدم لهما العصير) تفضلا .. هذي الزيارة شهادة و وسام أعلقه على صدري


هشام : لا عليك أنت الذي كنت وساما على صدر الشعر العربي الملتزم و كنت مناضلا بالكلمة الملتزمة


حامد (مبتهجا) : شكرا .. شكرا .. أراك تبالغ في إطرائي


هشام : و أي مبالغة و قد قدمت لمكتبة الشعر أكثر من خمسة دواوين شعرية في أقل من سنتين .. و لكن للأسف لم أطالع منها إلا الديوان الأخير


حامد : و ما رأيك فيه ؟


هشام : و ما رأيي فيه ؟!! لقد أخذت به .. بهرت بهذه الروح الوثابة .. بهذه الديباجة و هذا الرونق الذي أضفيته على القصيدة و هذا التفجير الواضح للغة .. أما بالنسبة للمضمون فما اشد اتفاقنا أنا و أنت و ما أكثر نقاط الالتقاء بيننا


مصطفى : الأستاذ حامد شديد الحرص مثلك يا أستاذ هشام .. شديد الحرص على فضح الممارسات التي من شأنها عرقلة مسيرة التحرر


هشام : نعم . نعم .. و زد على هذا جرأته في توجيه أصبع الاتهام للاستعمار و رموزه .. و وصفه لمآسي أبناء فلسطين مرثية تستقطر الدموع من الحجر


مصطفى : لو قرأت دواوينه الأخرى و خاصة ديوان "عواصف و رياح شمطاء" لأدركت أن الأستاذ حامد يختط نهجا رفيعا في كتابة القصيدة منذ بداياته


هشام : في الواقع حدثني بعض الأصدقاء عن هذا الديوان و لكم بحثت عنه و لكن لم أجده نتيجة الإقبال الشديد على كتابات الأستاذ حامد


مصطفى : لقد نشرت دراسة مستفيضة حول هذا الديوان و العالم الشعري للأستاذ حامد بصفة عامة .. سأبعثها لك


حامد : لقد أعطيت بهذا أكثر من حقي


هشام : صدقنا إننا نقول الحقيقة .. و على فكرة قرأت لك مقالا تبين فيه رأيك في قصيدة النثر .. لكن لم أفهم ما تعنيه بفروع المديح السبعة


حامد : رأيي كما في المقال أن النص لكي يكون قصيدة نثر ينبغي أن تتوفر فيه ثلاثة شروط .. الأول أن يكون نصا شعريا ..


هشام : لكن هذا شرط صعب الاتفاق عليه


حامد : نعم .. هذا شرط صعب الاتفاق عليه و لذلك يمكن تحييده كما يحيد العالم في المختبر أحد العوامل و اختبار أثر العوامل الأخرى.. أي لنتفق على أن النص الذي بين أيدينا نص شعري ..


مصطفى : و الشرط الثاني؟


حامد : الشرط الثاني ألا يكون على علاقة بفروع المديح السبعة و هي المديح و الغزل أو النسيب مديح الجنس الآخر الرثاء مديح الميت و الحماسة أو النشائدية أي مديح الشعار و الفخر مديح الذات و وصف الطبيعة أي مديحها و المديح السلبي أي الهجاء .. و الثالث ألا يمكن تعميده ليس بالاصطلاح المسيحي بل ألا يمكن تحويله لقصيدة عمودية


مصطفى : و أين الغرض؟


حامد : قصيدة النثر لا أبالغ إذا قلت أنها نص جمالي منزوع الغرض .. كيف ترثي بالهذيان؟ .. كيف تمدح بالهذيان؟ و قس على هذا في أي غرض


هشام : و ما أبقيت لها إذن؟


حامد : أبقيت لها الهذيان و هو كاف للمجتهد الذي يبحث عن المعنى و الذي يعرف أن المعنى كامن في السياق كمون قزح في ضوء الشمس


هشام : ألا ترى بأنك تحجر الواسع؟


حامد : لا اعتقد ذلك


مصطفى : أنا أختلف معه في رأيه هذا .. و أرى أنه يضيق الخناق على قصيدة النثر .. (لهشام) إنه يقول بمصطلح غريب .. ما هو يا أستاذ حامد ؟


حامد : تقصد "هذينة التأمل"


مصطفى : نعم


هشام : ما معناه ؟


حامد : قصيدة النثر إذا نظرنا لنشأتها و نماذجها .. هي قصيدة هذيانية .. و الهذيان بالمطلق مستحيل لأن المصادفة تتدخل دائما لتجد أو توجد المعنى في الهذيان ..


هشام : بمساعدة حسن الظن طبعا


حامد : طبعا .. أو ما يسمى بعين الرضا


مصطفى : و عين الرضا عن كل عيب كليلة و لكن عين السخط تبدي المساويا


حامد : ثم إن كاتب قصيدة النثر المدرك لروحها .. يتأمل ثم يحول تأملاته إلى هذيان .. أي هذينة التأمل .. (لمصطفى) المثل الشعبي عندنا يقول : الحديث بلا معنى سفاهة .. أنا أقول الحديث بلا معنى سريالية .. (يضحكون)


هشام : أنت بهذا تخرج تسعة و تسعين بالمئة مما يكتب الآن تحت جنس قصيدة النثر من النصوص التي لا نختلف على جمالها و روعتها


حامد : هي نصوص جيدة .. قصائد منثورة و لكن ليست قصائد نثر


مصطفى : الأستاذ حامد له رؤية خاصة تحترم على كل حال


حامد : لدي هم يصاحبني دائما .. هم البحث عن الكلمة التي أسميها اللؤلؤة .. و التي تجعل للألم قيمة


هشام : يا سلام .. الله .. الله .. لغة اللؤلؤ .. و لابد انك قد عثرت على اللؤلؤ و هذا واضح في شعرك


مصطفى : بالتأكيد .. كيف لا و هو الشاعر المناضل الذي جند قلمه لخدمة القضية


هشام : و لهذا أتيت إلى هنا و معي هذي البشرى


حامد : بشرى ؟


مصطفى : الأستاذ هشام يحمل إليك بشرى إقامة مهرجان الشعر المقاتل و الذي من المرجح أن يرأسه الأستاذ هشام و قد تنشأ على هامشه منظمة الأدب المقاتل لدعم القضية الفلسطينية .. و الأستاذ هشام يصر على أن تكون أنت أحد المشاركين في هذا المهرجان و في المنظمة


حامد (فرحا) : دعوة للمشاركة في مهرجان الشعر المقاتل للتضامن مع القضية


الفلسطينية ؟!


هشام : نعم .. و أرجو ألا تردني خائبا


حامد : و هل أستطيع ذلك !! إنني موافق بالطبع .. متى تبدأ فعاليات هذا المهرجان؟!


هشام : بعد شهر تقريبا .. نسق مع الرابطة إن كان من الضروري التنسيق .. تعمدنا عدم الإعلان عنه حتى لا يزاحمنا الطفيليون و الأدعياء .. استعد بأسرع ما يمكن


مصطفى (لهشام) : اطمئن الأستاذ حامد مشهور بكثرة أسفاره و أنني أشكر الحظ إذ وجدناه بالمنزل


هشام : رحالة ! .. ما اشد ارتباط الشعر بالسفر


حامد : هذا سفر و ذاك شعر .. الشعر سفر .. و السفر شعر .. يخالجني يا أستاذ هشام شعور لا أدري هل .......... (يسمع طرق عنيف على الباب .. ضجة .. يدخل صبره و زيغوت .. حامد يفتح فاه هلعا)


صبره : السلام عليكم .. كيف حال لجواد .. (يصافح هشام) كيف حالك؟ .. (يصافح مصطفى) أيشنو حالك؟ .. (يصافح حامد بحرارة) أيشنو حالك .. ايشنو حالك يا بو محمود؟


حامد : مرحبه .. مرحبه .. الله يسلم حالك


زيغوت (يصافح هشام) : علي سلامة هالتراس .. (يصافح مصطفى) إيدك و خوذها .. (يصافح حامد محتفظا بيده) مرحبه .. يا ربي مرحبه .. مرحبتين .. عشر مراحب .. مية مرحبه .. ايشنو حالك .. ايشني هالقرواطة .. صوبك متقروط .. (حامد يبتسم و يهز رأسه)


حامد : مرحبه .. مرحبه .. مرحبه أيشنو حالكم ؟ ياك لا حر لا شر؟


زيغوت (ضاحكا) : و الله لاي سياب و لاي ابهلها


حامد : مرحبه .. آنستو .. مرحبه يا حاج صبره


هشام (هامسا لنفسه) : صبرا و شاتيلا


صبره : رحب بك


حامد : و أيشنو حال زيغوت؟


زيغوت : العنه مو حالك سيدك زيغوت


حامد : الحمد لله


صبرة : وين ما لك عين ؟


هشام (متطلعا في وجه حامد باستغراب .. لمصطفى) : ما بها عينا الأستاذ حامد؟


مصطفى (لهشام) : "ما لك عين" يقصد بها لم نرك من زمن بعيد


زيغوت (مشيرا لهشام) : خينا هضا كيلي براني .. انظر تبهيته في وجه حامد .. كيلي (راسما بأصابعه الحركة) راكب على فهقة العلل .. ذاب على فهقتا


صبرة (لحامد) : وينك و لا عرفات؟


حامد : و الله انخطر في المشية لكم .. لكن ....


زيغوت : لكن ؟!


حامد : لكن برامج .. برنامج يحطك في برنامج تلقى ليام تمر بدون ما تدير شي


زيغوت : و أيشني هالبرامج ؟ عندك شواهي تدور لهن في كسبة؟ .. و ألا عندك إجلامة ؟ و ألا عندك زرع يبي حصاد؟ و ألا قطعة أرض تبي تحوددها و ألا تحلف عليها؟ .. (يضحك الجميع ماعدا هشام الذي يكتفي بالابتسام كمن لا يفهم)


صبرة : الأستاذ حامد ما يفكر في هالكلام اللي تحكي عليه .. (يصمت قليلا) لكن الراجل اللي اسمه راجل علي كل سكة يركب .. تبيه ابدوي ابدوي .. تبيه احضري احضري .. كيف ما تبيه ايجيك (فترة صمت)


هشام (لعلي محاولا إسماع حامد) : قبل دخول الأخوة .. كان الأستاذ حامد يريد أن يحدثنا عن شعور يعتريه .. ليته يكمل حديثه عن هذا الشعور ..


مصطفى (مسايرا هشام و ناظرا نحو حامد) : لا أدري عن أي شعور يتحدث ..ليته يكمل حديثه لنعرف


حامد (مبتسما بخجل) : لا أهمية للمشاعر الآن .. مرحبه يا حاج صبره .. آنستو


صبرة : الله يانسك (ناظرا إلى مصطفى و هشام) منين ضيوفك هضول .. قول خاطري شايفم من قبل .. آ صحيح في التلفزيون .. مزبوط


حامد (مشيرا إلى مصطفى) : هذا الأستاذ مصطفى عطية


صبرة : مصطفى عطية بو من؟


حامد (يتلعثم لأنه لا يعرف)


مصطفى : مصطفى عطية للـ ......


صبرة : إن كان صدقني الله انت للجباترة .. هن خشيمات الجباترة (لمصطفى) بوك عرفته .. الحاج عطية شيخ الجباترة .. و أنت عليك دم بوك


هشام (لمصطفى) : أعليك الثأر لأبيك ؟ أمات أبوك قتيلا ؟


مصطفى : لا يعني هذا .. بل يعني أنني أشبه أبي


زيغوت (عن هشام) : صاحبنا هض كي لطرش في الزفة .. و الله مو جايب قاف على قاف


صبرة :و إن كلا لستاد مصطفى نشوف فيه في التلفزيون .. ديمه يحكي ع لّدب .. ما عنده و لا حكاية إلا عليه .. لا سعاية و لا رعاية إلا هو.. (لحامد .. مشيرا إلى هشام) و لستاد؟ .. حتى هو ما يطلع م التلفزيون ش


زيغوت (ضاحكا) : حتى نا شايفه .. بقزيزاته .. ديمه يشاكم .. و يقول في كلام كتقطيع اللحم بالميجنة .. يقول .. يقول أيش .. أيوه .. دعيني .. دعيني ماني عارف أيش .. أيوه دعيني .. نمزط الظلام .. انظر عد كيف يبي يمزطه؟


صبره (ضاحكا) : بلكي يبي يركب فيه بموس لاميتا


حامد : هذا الأستاذ هشام (يخفض صوته قليلا) غني عن التعريف


صبره : لا .. هضول بعقولهم و فيهم شعراء كبار


زيغوت : و الله شكله مو ليبي .. عطني كان ... إن كان هذا ليبي .. تلقاه عايد م المهجر .. مهجريستي .. حتى لستاد حامد مو عطبك ولده .. حتى هو ما يروجش م التلفزيون


صبره (يتنحنح) : لا .. لا .. لستاد حامد لي له و لي لبوه الشعر و الكلام الفارغ


زيغوت : و اللي مي فرس بوك توقعك


حامد (متظاهرا بالابتسام) :مرحبه .. مرحبه يا حاج صبره .. آنستو .. أيشنو حال هذاك الوطن؟


زيغوت : مازلت تذكره ؟ ليش ما تزوره إن كان مازلت تذكره؟


حامد : قلة صيده


هشام : قلة صيده ؟ هل أنت صياد يا أستاذ حامد؟


زيغوت : هبي هبي .. اضربه في راسه طير شلايكه


مصطفى (لهشام) : "قلة صيده" يعني عدم وجود وقت فراغ .. فالأستاذ حامد رحالة لا يستقر بمنزله إلا قليلا


هشام (لحامد) : هل تسيطر نفس الروح التي يتميز بها ديوانك الأخير على ديوان "عواصف و رياح شمطاء"؟


حامد (متحرجا من عودة الحديث عن الشعر) : تقريبا .. مرحبه يا حاج صبره .. اليوم هنا؟


صبره : انعم


هشام : لك نفس في ديوانك الأخير .. نفسك في هذا الديوان ......


زيغوت : نفس في قفص .. لكْ نفسْ !! .. و كيف عايش لو كان ما يتنفس ؟


هشام : أستاذ حامد هل لديك نسخة من ديوانك "عواصف و رياح شمطاء: ؟


حامد : نعم


هشام : هل تحضرها لي . (مبتسما) و هل .. و هل تهديها إلي؟


حامد (و هو يهم بالخروج) : حاضر


صبره (مبتسما ومحاكيا هشام) : و هل تحضر لنّا عِدالةُ الشاهي؟ .. و إننا عطاشه شاهي


حامد : هل أوصي .. آ نوصي لكم يديروا لكم شاهي جوه؟


صبرة : ماشي .. اللي اتريحك يا بو محمود


حامد (خارجا) : حاضر


صبره (لزيغوت) : أنت بدري قلت لستاد حامد ما يروجش م التلفزيون


زيغوت : و تحنحنت لي .. ليش؟


صبره : ما انريد انزعلوا الراجل ش .. لا تلاطشوش نين يجي للي نبوها .. و بعدين علي كيفه .. يطلع في التلفزيون و ألا يطلع في الموية


زيغوت : زمعيته جن .. يطلع في الموية !! .. صدقت .. انسايسوه نين يحلف .. صدقت


صبرة : ضروري يحلف إن كان حطوه في الحلافة .. أكيد يحطوه هضول شياطين


زيغوت : لا .. ايحطوه .. خصيمك عوج


(يدخل حامد حاملا بعض الأواني بها طعام .. يضعها .. و معه نسخة من الديوان)


حامد (و هو يمد النسخة لهشام) : تفضل .. (يبدأ هشام في التصفح) .. خليه توا .. دعه الآن و تقدم إلى الأكل .. هيا يا أستاذ علي .. ( يشرعون في الأكل)


زيغوت (مازحا) : كل يا اهشام .. شايفك شرقا .. شارب نا وياك قزايز (يضحك .. صبرة و زيغوت .. عن نفسه) ما اقدمك يا زيغوت


صبره (لمصطفى) : الشايب مازال حي؟


مصطفى : لا .. متوفي


صبره : لا إله إلا الله .. نلقانه محلاك راجل (حديثه متقطع يقطعه في كل مرة يتناول فيها لقمة .. و قد يطيل فترات الصمت أحيانا) ساعتا يحلفوكم خوتكم الزحاحلة علي غوط الزيتونة و يحطوا في الحلافة شايبا لكم .. للجباترة .. غاضب عليه الله .. ماني عارف أيش اسمه .. اقطع اسمه .. ما عاد انجيبه لك ش .. شايب لا بيت لا نضده .. و الشايب يقول : و الله ما انقول عز الله


زيغوت : كشفه (ينظر خلسة نحو حامد) كشفه له .. ما باش يحلف؟ .. كشفه له


صبره (حديثه متقطع) : ما باش .. غلب .. و يقبى يعاني فيه أب (مشيرا إلى مصطفى) هالراجل .. إي و الله .. ما باش غلب .. اللي هم يطلعوه الجباترة و يطردوه .. (ينظر خلسة نحو حامد مع إيماءة ذات مغزى لزيغوت .. مشيرا إلى كأس الماء .. لزيغوت) عطيني مويه .. (يمد له زيغوت الكأس .. يشرب) طردوه .. هج م الوطن .. قالوا في لاخير مات ميتة عطيبة.. ما نشد عليه حد .. خبر قديم ما ظني يوعى عليش لستاد مصطفى .. الحديث بلا معنى سفاهة ..


هشام : بل سريالية .. (ينظر نحو الأستاذ حامد) ما رأيك؟


صبره : فيش يقول لستاد ؟ .. (ينهضون فرادى .. يأخذ حامد في رفع الأواني خارجا على مراحل .. لحامد) .. أيش صار في الشاهي؟


حامد : واتي .. (يخرج لإحضار الشاي .. يدخل .. يأخذ في توزيع الشاي) .. تفضلوا


هشام (متصفحا الديوان محاولا إسماع مصطفى و حامد) : الله .. الله ما هذا يا أستاذ حامد؟ .. نم قليلا قبلما تلقى الظلام .. فإذا الليل تمطى و استدام .. لن تنام .. نم


زيغوت (يفخم النون و الميم) : نم .. مللا نم .. عليك نم


هشام (لزيغوت) : نم .. بدون تفخيم .. نم قليلا قبلما تلقى الظلام .. فإذا الليل تمطى و استدام .. لن تنام


زيغوت : إهوه .. انظر هالخبر .. و حياتك إن نرقد كي تقبى لازمتني الرقدة .. خلك م الدي


حامد (بخجل و بصوت خفيض .. لهشام) : رويدك


صبره (لحامد) : تسمع و تصلي ع النبي يا بو محمود


حامد : اللهم صلي و سلم عليه


صبره : نحنا يا سيدي جاينك علي مشكلة لرض هاللي بينا و بين البلايتة مادروعنك عندك منها علم و ألا لا .. نحنا يا سيدي لنا زمان انتعانوا نحنا و خوتنا البلايتة علي غوط الثقب هم يقولوا الحد قبلي الثقب ..يبوا يلهفوا نص الغوط .. و الحد المزبوط من قديم الزمان هو الثقب .. الثقب .. الحد هو الثقب..


زيغوت : لا .. الثقب .. الثقب هو الثقب


صبرة : تسمع و تصلي ع النبي ..الحاصل لا هم راضوا ع اللي في روسم .. و لا نحنا نبوا انخلوهم يضحكوا علينا


هشام (كالمستغرق في القراءة و مسمعا مصطفى) : يا ربيع النفس مد لي جسورا .. (ينجذب حامد باهتمامه لما يقوله هشام .. و يلاحظ صبره ذلك)


صبره (لحامد) : تسمع و تصلي ع النبي يا بو محمود


حامد :عليه ألف


صبره : من هنا لهنا قلنا لهم أما خذوها و الا عطوها .. قالوا خذوها .. و بات علينا إيمين و مازال مسع حددوا الموعد ش .. و قالوا حاطينك في الحلافة .. يحسابوك تبي تقول لا ما نحلف ش .. أنت ولد هاذاك الراجل .. انت ولد محمود ما تبيع خوتك ..


حامد (فاتحا فمه هلعا) : نا في الحلافة؟ .. (يسمع طرق من زوجة حامد لكي يأخذ الشاي)


صبره : جيب الشاهي


حامد : آ صحيح .. (يخرج .. يدخل يوزع الشاي .. لهشام) تفضل


هشام : ثمة استدعاء للميثولوجيا اليونانية لتصوير انتكاس العاطفة في زمن النكسة .. لم لم تستعن بما في تراثنا من نماذج للنكسة؟ .. تراثنا زاخر بهذه النماذج


حامد (شاردا بذهنه) : نعم .. نعم (يكمل توزيع الشاي)


صبره (راشفا رشفة) : آ ويش قولك يا بو محمود؟


حامد : بس نا ماني عارف لا غوط و لا غيره .. نحلف علي حاجة ماني عارفا؟


زيغوت : غوط الثقب من يوما حنت ناقة صالح و نحنا نحرثوا فيه .. بوك .. حياة محمود الله يرحمه ياما احرثه .. الشفاعة يا رسول الله .. و بعدين يا احميده أنت تحلف و اللي تلحقك في رقبة خوتك اللي يحلفوا امعاك .. مانك وحدك ش


حامد : كيف في رقبة خوتك ؟ كل حد مسئول على نفسه .. هذا اللي اديروا فيه موش غريبة حرام


صبره : لا لا لا .. أنت لستاد حامد المتنور المطور المتعلم اتقول هكي؟! .. الرسول ما خذ الحسن و الحسين عويلة اصغيرين لما مشى يحلف و ألا يحلف في النصارى .. أنت راجل متعلم قاري .. ما قريتا في القرآن؟


حامد : قصدي الحلفان على الشيوخ .. ناس موتى تحلفوا بيهم؟!


صبره : أمغير هض .. يانا علي .. يانا علي .. هذي ساهلة .. خلاص اتجيب امعاك مصحف و انتلاقوا عند الشيخ و تحلف ع المصحف


حامد : بصراحة ما نقدرش .. عندي شغل مهم .. و بعدين أنتو عليش متقاطعين علي هلرض .. أرض الله واسعة .. و آخرتا قبر


صبره : لالالا .. أنت ولد محمود تقول هالكلام ؟! .. انت لستاد حامد المتعلم القاري المطور تفكر بهالشكل؟! .. لالالا ! .. لرض هي لرض .. لو كان سيدك عمر المختار قال قولتك هض و سيب لرض ما شنقو ش الطليان .. عليش شنق سيدي عمر؟ .. من ناحية العناية باللرض الطليان كانوا خير منا في هاضاك الوقت .. لكن الليبيين تمسكوا باللرض بها بلكل .. لو كان قالوا قولتك هذ ما رانا عايشين في وطنا هالعيشة .. لرض هي لرض .. و ما حد اتهون عليه اللي له ..عليش متقاطعين اليهود العرب في فلسطين .. عليش ؟


زيغوت : علي شان الدين .. يحاربوا في عدو الدين


صبرة : يعني يريدو يدخلوا شارون في الإسلام؟! .. لا لا هم يريدو يطلعوه من فلسطين .. الموضوع موش موضوع دين


هشام : هذا رأي جديد .. و أين دور الإسلام و المقاومة الإسلامية؟


صبرة : خلي اليهود يطلعوا .. و شوف الفلسطينيين يستمروا في حربهم و ألا لا ؟ .. معناها المشكلة ع لرض .. و اللي يفرط في الشوي يفرط في الواجد .. و كل أرض لها هلها اللي يحموها بهك و ألا بهك .. بي طريقة .. و بعدين أنت يا أستاذ حامد عندك عويلة .. إن كان أنت زاهد في لرض .. ضناك صيورهم يجوا لرض بوهم و جدهم


مصطفى : و الله يا أستاذ حامد موقف حرج .. أنت توا بين الحلفان و بين المهرجان .. موقف ما ينفع فيه إلا حادي بادي .. (لهشام) الأستاذ حامد مطلوب منه أن يقسم مع قبيلته على قطعة أرض متنازع عليها و إذا لم يقسم تطرده القبيلة و تحرمه من حصته من الأرض


حامد : أمتى .. أيمتى ميعاد الحلفان؟


صبره : موش معروف بالزبط .. لكن نحنا نبوك تقبى قاعد لا تمشي لا تجي نين تحلف .. و بعد ما تحلف أنت حر .. اتدور وين ما تبي اتدور .. باهي (و هو يهم بالانصراف) هه .. ياالله .. (يتهيآن للانصراف)


زيغوت : أيش ردك يا بو محمود .. (و هم وقوف)


صبره : ويش رده!! .. بو محمود راجل متعلم .. و بوه هاضاك الراجل ما يبيع خوته .. ياللا السلام عليكم


حامد : باهي اقعدوا للعشا .. و الله . و الله .. بعد عشا


صبرة (خارجا) : ما عندنا شي غيبة .. السلام عليكم


حامد : في أمان الله


زيغوت (خارجا) : تبقوا علي خير .. اقعدوا فيها


حامد : مربوحة


هشام (مبتسما) : لقد تعمدت مشاكستهم و التظاهر بعدم فهم اختلاف اللهجات .. لكم أهوى مشاكسة القرويين البسطاء .. لابد أنهم اخذوا عني فكرة خاطئة تماما


مصطفى : كنت تشاكس إذن .. لقد التبس علي الأمر أنا أيضا


هشام (لحامد) : مازال بي شوق لمعرفة الشعور الذي يعتريك و لم تحدثنا عنه


حامد : أي شعور ؟


مصطفى : قبل مجي الجماعة قلت : يخالجني شعور


حامد : لا أذكر .. ما الحل يا أستاذ مصطفى؟


مصطفى : أنصحك بأن تذهب إلى المهرجان .. هذا مهرجان له مكانة خاصة .. و لا تنسى أنه برئاسة الأستاذ هشام .. أي شرف هذا .. هذا وحده يكفي


حامد : لا أدري ماذا افعل ؟


هشام : هل تردني خائبا ؟ أتنحاز إلى أرض القبيلة و تدع أرض العرب؟ .. أتنحاز للجزء و تدع الكل؟


حامد : بل سأذهب (و بصوت خفيض) و ليذهب غوط الثقب الذي لا أعرف أين يقع إلى الهاوية


هشام : هل اطمئن


حامد : يمكنك ذلك .. متى ستغادر ؟ فربما نسافر معا


هشام : لا أظن ذلك لأنني مسافر اليوم بعد ساعات .. علي الآن أن انصرف .. استأذنك في الانصراف


حامد : ألا يمكنك تأجيل سفرك ؟


هشام : لا أستطيع .. لا تنسى أن موعد المهرجان قريب و علينا أن نستعد لاستقبال شعراء العروبة و أرجو أن تكون معهم


حامد : إنها فرصة سعيدة حقا أن نلتقي و لكن كانت قصيرة و عكرها هذا الموضوع .. موضوع ...


مصطفى (و هو يتظاهر بمحاولة سرقة احد الكتب) : لا تعر هذا الموضوع أي اهتمام و علينا أن نرد للأستاذ هشام الزيارة


هشام : أتمنى ذلك .. هيا يا أستاذ علي أوصلني إلى المطار إذا سمحت


مصطفى : بكل سرور .. هيا


حامد (لهشام) : أشكرك على هذه الزيارة و هذه البشرى أو بالأحرى الدعوة و كم كنت أتمنى أن يطول بقاؤك معنا


هشام : في فرص قادمة .. إلى اللقاء .. (يصافح حامد .. يخرج هو و مصطفى .. يخرج حامد ليودعهما)


صوت حامد : إلى اللقاء .. (يعود .. يتفحص المكان و يبدو عليه الذهول .. مناديا) نعيمة .. نعيمة


صوت نعيمة : نعم .. نعم


حامد : تعالي


نعيمة (و هي تدخل) : آ كنك؟


حامد : لمي هالحوسة


نعيمة (و هي تعيد ترتيب المكان) : كنهم الجماعة .. ياك لا حر لا شر


حامد : هذا الشاعر هشام و الأستاذ مصطفى جاييني علي شان المهرجان .. مهرجان ....


نعيمة : ننشد فيك علي جماعتنا الحاج صبرة و اللي امعاه


حامد : آ هاضول


نعيمة : آ هاضول لهم اسنين ماجونا و نحنا لنا اسنين ما مشينا لوطنا ..و الله لولا لثنين البرانية كان خشيت عليهم و سلمت


حامد : هاضول (باشمئزاز) جاييني على شان غوط الثقب


نعيمة : كنه؟ .. و بعدين كنك كيلي متضايق؟


حامد : غوط الثقب فيه مشكلة في الحدود و بايت علينا إيمين و نا في الحلافة


نعيمة (مندهشة) : في الحلافة؟


حامد : إنعم في الحلافة


نعيمة : و يش تبي أتدير؟


حامد : و الله حاير


نعيمة : ما تحلفش .. هضول (تخرج لتفرغ منافض السجائر .. تعود لتكمل كلامها و هي منهمكة في عملها) مرابطين .. طيور خضر ينفعنا الله ببركتم


حامد : معناها تسخط علينا القبيلة و ننحرموا م لرض


نعيمة : كيف؟


حامد : كيف !! هضا هو مصيرنا


نعيمة : ما فيش حل؟


حامد (يهز رأسه بالنفي) : ما فيش


نعيمة : منحاش الخبر هكي .. الله غالب .. لا لرض هاينة علينا و لا خوتك تستغني عليهم


حامد : و المهرجان ؟ .. أصله الحلفان و المهرجان في نفس الموعد تقريبا


نعيمة (و هي خارجة) : المهرجان ؟! توا انجيك


(تدخل و معها مكنسة .. تستكمل كلامها .. ملوحة بالمكنسة كأنها تريد ضربه) : عمرك قدامك .. لا تخافش .. هذا لا هو أول و لا آخر مهرجان


حامد : بس ....


نعيمة : ما فيش حل .. امفيت يعفوك م الحلفان


حامد : هاضيك مي شور جماعتنش .. شور الجماعة اللي ضدنا .. شور البلايتة


نعيمة : البلايتة ؟ .. البلايتة اللي منهم ... صاحبك؟


حامد : انعم شورهم


نعيمة : خلاص كلمه .. كلم صاحبك سعد


حامد : هذي الفكرة الوحيدة اللي كنت انفكر فيها .. (يتجه إلى الطاولة يقلب كراسة .. يعثر على الرقم يطلبه) : آلو .. آلو الأستاذ سعد موجود ؟ .. كلميه لي (صمت) .. آه مرحبا يا اسعودة .. آ حامد .. وينك يا أستاذ .. تدور في ؟ .. تبيني؟ يا ساتر .. آهو يا سيدي كلمتك .. لا قول انت .. ما دامن اتدور في .. انعم آه .. أيوه (ضاحكا) موضوع الغوط؟! .. هو اللي طالبك علي شانه .. نفس الموضوع .. توارد أفكار .. آ كويس (ضاحكا) صار انت اللي امكلف باختيار الحلافة؟! .. كويس و الله .. نا فيهم؟ .. أسرار؟ .. ما فيش أسرار .. إن كان نا فيهم قول لي و إن كان ماني فيهم قول لي .. انعم نحلف إن كان نا فيهم .. انعم نحلف .. تبيني انسيب خوتي؟!


نعيمة (هامسة) : تحلف؟


حامد (واضعا يده على السماعة .. لنعيمة) : أصله كي انقول له نحلف ما يحطونش في الحلافة .. خدعة (لسعد) : هالو .. أيوه دير احسابك راني نحلف ما يهمني .. حتى هو غوط الثقب .. هه نحلف غارق ؟ موش مهم .. ما تبيش تقول لي ع المجموعة اللي اخترتم ؟ سر ؟ ماشي علي كيفك .. دير احسابك راني مستعد نحلف معا خوتي من تو .. و هل أنا إلا من غزية إن غوت غويت و إن ترشد غزية أرشد .. هالو .. هالو


نعيمة (خارجة) : خلى عنك .. أكيد أنهى المكالمة


حامد (و هو يعيد السماعة إلى مكانها) : غصبا عنه ينهي المكالمة بعدما صمطته بهالبيت اللي يفجع




إظلام

المشهد الثاني






إضاءة خافتة .. ما يوحي بأن الأحداث تدور ليلا .. المكان : نفس المكان






حامد (يناجي نفسه) : ورطة مللا ورطة .. ورطة .. ورطة .. و لكن ليش دايرها ورطة؟ .. خليني ندرس الموضوع .. أيوه .. مزبوط .. ندرس الموضوع .. لنفرض أني ذهبت إلى المهرجان .. حسنا . لنفرض أني ذهبت إلى المهرجان .. ندرس هالفرض .. هالاختيار .. ماذا أخسر و ماذا استفيد؟ .. أولا ماذا استفيد؟ .. سأقرأ قصيدتي الجديدة .. (يغير صوته كأنما يلقي ما يقول) عنوان القصيدة على أطلال فلسطين .. قفا نبك .... (يعود للتحدث بصوته المعتاد) سيطير بها النقاد فرحا (يغير صوته) قصيدة أروع من القضية و أشد تأثيرا منها .. إنها تطعن الصهيونية في الصميم .. (بصوته المعتاد) كل الأجهزة الإعلامية ستردد اسمي .. (تدخل نعيمة لغرض ما بدون أن ينتبه حامد لدخولها .. تستمع لمناجاته لنفسه و هي منهمكة في عملها) .. كل عشاق الشعر السياسي سيسبحون باسمي (يغير صوته) على أطلال فلسطين قصيدة من الشعر الرفيع .. بناؤها مبتكر و تمثل فتحا حقيقيا في مجال الكلمة القنبلة .. الأستاذ حامد ........


نعيمة : توا الساعة كم؟


حامد (يفاجأ بوجودها .. يرتبك .. بتضايق ) : أووف .. هذي امنين طلعت لي؟ .. نعيمة و الزمن .. آخر شيء نبي نذكره .. (يهدأ قليلا) الساعة؟ .. (ينظر إلى ساعته و يلتفت إلى نعيمة) الساعة توا ...... (لا يجدها فقد غادرت) .. نعيمة و الوقت .. سيفين .. سيفين .. سيفااان ..( يصمت لفترة طويلة نسبيا .. يستأنف مناجاته لنفسه) .. الأستاذ حامد .. الأستاذ حامد .. الشاعر المناضل حامد ..الشاعر الملتزم حامد محمود .. الشاعر الفحل ..(يضحك ضحكة مكبوتة .. بصوته المعتاد) فحلّ ؟! .. فحلّ .. تيـ.... لا لا كبش .. إن شاء الله النقاد ما يقولوها و إن كان قالوها إن شاالله ما يسمعاش زيغوت .. (مغيرا صوته) شاعر يفيض شعره قوة .. لقد كان نجم المهرجان .. حامد الأستاذ .. حامد الأستاذ .. الأستاذ حامد .. (كمن يستيقظ من حلم .. بصوته المعتاد) هه يبدو أنني نسيت ما أنا فيه .. حسنا ماذا أخسر إذا ذهبت ؟ .. نعم سأخسر رضا القبيلة و حصتي من الأرض (بغضب) الأرض .. الأرض .. الأرض .. دائما الأرض هذا المغناطيس الذي يشدنا و تلك الأريكة التي تعلوها الأشواك .. (فترة صمت قصيرة) فإذا لم أذهب ؟ .. أخسر صداقتي لشاعر كبير مثل هشام .. و لكن يمكن إصلاح ذلك بالاعتذار .. و أخسر الأضواء .. خسارة فادحة بلا شك .. و لكن كما قالت نعيمة هذا لا هو أول و لا هو آخر مهرجان .. أخشى أن يكون آخر مهرجان و أكون قد ضيعت الفرصة .....


نعيمة (و هي تدخل) : الساعة أطناش توا .. ليل .. ليل .. (تخرج)


حامد (يتضايق من هذه المقاطعة) : أوف .. السيفان .. الواحد ما يصيد حتى يشاور روحه .. حتى يهارج روحه .. عليك حالة .. (يصمت لفترة طويلة نسبيا .. يستأنف مناجاته لنفسه) و لكن لماذا الأنانية؟ .. لم أفكر في نفسي فقط؟ .. لماذا لم أفكر في قبيلتي ؟ ماذا تكسب و ماذا تخسر بذهابي أو ببقائي ؟ .. (صمت تأمل) الإجابة واضحة .. و ماذا تكسب القضية الفلسطينية بذهابي أو غيابي عن المهرجان؟ نعم هذا سؤال مهم .. (لحظة تفكير) لا شيء .. في الواقع و بصراحة لا شيء .. بيني و بينك يا نفسي فقط .. (يضحك بجنون .. صمت) إذن علام استقر رأيك يا أستاذ حامد ؟ اختيار صعب .. إنها ورطة حقا .. (لحظة صمت) نرقد .. حتى العشا ما عندي فيه نية .. نرقد .. و الصباح رباح (يخرج)






إظلام

المشهد الثالث






غرفة النوم حامد يتقلب في السرير ..


مشهد الحلم


تتحول غرفة النوم إلى مقام ولي و يتحول السرير إلى التابوت الذي به الجثمان .. حوله يتحلق ثلاثة رجال تبدو عليهم ملامح أوربية يرتدون ملابس إفرنجية و معهم صبرة


صبرة (للرجال الثلاثة مشيرا إلى التابوت) : حطوا إيديكم يا صهاينة علي هالصندوق .. و قولوا وراي و حق هالغالب الطالب .. قولوا و حق هالغالب الطالب


الرجال الثلاثة (يضعون أيديهم على التابوت .. معا) : و هق هالقالب التالب


صبرة (بتمهل و هدوء) : لا لا .. و حق هالغالب الطالب


الرجال الثلاثة : و هق هالقالب التالب


صبرة : و حق .. و حق .. هالغا .. غالب .. الطا موش التا .. و حق هالغالب الطالب


الرجال الثلاثة : و هق هالقالب التالب


صبرة (و قد نفد صبره) : موش القالب الله يقلب وجوهكم .. و حق هالغالب الطالب


الرجال الثلاثة : و هق هالقالب التالب


صبرة (متجاهلا) : ما علينا .. و حق هالقالب !! الطالب


الرجال الثلاثة : و هق هالقالب التالب


صبرة : ما يا العرب عندكم شبر واحد في فلسطين


الرجال الثلاثة : ما يا الأرب إندكم شبر واهد في فلستين


صبرة : و لا عندكم لا حق و لا مستحق فيها


الرجال الثلاثة : و لا إندكم لا هق و لا مستهق فيها


صبرة : سبق اجدودنا قبل اجدودكم


الرجال الثلاثة : سبق اقدودنا قبل اقدودكم


صبرة : حلفتوا غارقين .. لكن إن كان هالشيخ ما فرغ السر منكم انعزقوا راياته .. آهو يسمع في ..(للشيخ) انعزقوا راياتك .. انخلوا مقامك كي الزريبة .. آهو يسمع في (للصهاينة) و نطلعوكم منها يطول الزمان و ألا يقصر (يهم بالانصراف) و الله و الله


الرجال الثلاثة (يبرز أحدهم ورقة و قلما .. لصبرة معا) : وقأ . وقأ هنا .. وقأ مستر .. كلاس ما فيه مشكلة


(يلتفت إليهم صبرة مستغربا .. ينفتح التابوت .. يخرج الولي بيده سوط)


الولي : حص .. حص .. حص عنها .. هي وصلت لهن ؟!


صبرة (فاتحا فاه في دهشة .. هاتفا) : شال الله برجال الله .. شال الله برجال الله .. (للولي مشيرا إلى الصهاينة) دونك لهم خرابة القدس .. دونك لهم .. إخوان القردة و الخنازير (الولي يتجه نحو صبرة .. يضربه بالسوط .. صبرة يركض حول التابوت في دهشة) ما نيش منهم .. دونك خرابة القدس .. يا نعلاي .. يا نعلاي .. يا يا ماي .. نا لكم . نا لكم دونك الصهاينة .. الراجل حول .. نا عرْبي .. عرَبي .. هوه نا عربي.. نا مسلم .. نا مسلم إن كنت مسلم .. يا هوه انت الراجل كنه ..الراجل منقـ .... منقلب راسه .. علي اللمين مو صافي .. يا نعلاي .. هه . هه ..


إظلام

المشهد الرابع






نفس ديكور المشهد الأول .. حامد يذرع المكان جيئة و ذهابا


حامد (يناجي نفسه) : مر كم يوم و مازلت حاير .. مافيش فائدة .. خلاص مافيش وقت .. المفروض إنكون توا في الفندق المخصص للشعراء .. خلاص .. المهرجان بعد بكرة .. (كاللا مصدق) .. بعد بكرة .. بعد بكرة .. (يتوقف عن الكلام مع استمرار الحركة .. كالهامس) .. حادي .. بادي .. (كمن عثر على الحل) حادي بادي .. لالا موش معقول .. بعدين لما يسألني مصطفى و ألا هشام .. المشكلة في هشام .. أيش انقول له؟ .. نقول له درت حادي بادي؟ ! .. لا لا .. لكن الله غالب مافيش حل آخر .. إن كان الحادي بادي جا ع المهرجان نمشي حتى ونا تأخرت .. و إن كان جا ع الحلفان نقعد .. بالنسبة لهشام م المستبعد إن يجيني و مصطفى موش مشكلة و بعدين هو صاحب الفكرة .. فكرة (ساخرا) فكرة سخيفة (يضحك) لإجرب (يتجه إلى الطاولة و يضع كتابا على الطرف الأيمن) .. هذا يعني المهرجان .. (يضع كتابا على الطرف الأيسر) و هذا يعني الحلفان .. ياللا نبدأ بالكتاب الأيمن .. حادي .. بادي .. سيدي .. امحمد بالبغدادي .. شال .. و حط .. علي هاضول (يكون أصبعه على الكتاب الأيسر .. يتضايق) لا لا انجرب مرة أخرى نبدأ بالكتاب الأيسر هالمرة .. حادي .. بادي .. سيدي .. امحمد بالبغدادي .. شال .. و حط .. علي هاضول (يكون أصبعه على الكتاب الأيمن) .. آ .. هذي واضحة .. لما تبدأ بشيء .. تنتهي بالشيء الآخر .. لا لا هذي ميش طريقة .. أحسن شيء نديرو عشر قروش ..(يخرج من جيبه قطعة نقدية . يقلبها) الصورة تعني المهرجان و الرقم يعني الحلفان (يرميها .. تسقط بين الأرائك .. يبحث عنها دون جدوى) وين راحت هالدعوة . علي اللمين .. علي اللمين (يضحك متذكرا الحلم) .. علي اللمين الراجل مو صافي .. حتى نا ماني صافي ( يسمع صوت جرس الباب .. يخرج)


صوت حامد : مرحبا .. مرحبا .. تفضل


(يدخل حامد و مصطفى)


حامد : تفضل .. تفضل


مصطفى : مازلت قاعد؟


حامد : مازلت حاير .. متردد


مصطفى : سمعت آخر الأخبار؟ ..


حامد : آخر الأخبار؟ .. لا .. أيش فيه؟


مصطفى : اتصل بي هشام اليوم .. فيه مؤامرة دايريتا شلة أخرى ضده و كولسوا عليه و حودوه من رئاسة المهرجان .. فيه خلفيات للمهرجانات مثل خلفيات التصعيد عندنا


حامد (بتضايق) : هكذا إذن .. خدمة صوت جيته لي .. كولسة .. (يضحك) يا لقميص عثمان ما أتعسه


مصطفى : قميص عثمان!


حامد : القضية


مصطفى : ويش ناوي اتدير .. تمشي تحلف؟


حامد (ضاحكا) : آ نمشي للشيخ .. نمشوا للشيخ نا وياك


مصطفى : و نا أيش دخلني؟


حامد : نمشوا زردة و ناخذوا امعانا القللوني


مصطفى : نسأل فيك جديات .. أيش ناوي اتدير؟


حامد : و نا انكلم فيك جديات .. نتلاقوا اليوم العشية .. عدي لم أوتاك و نعمدوا مزردنا لولي


مصطفى : اللي عند الشيخ؟


حامد : أيوه .. دير احسابك زردة يومين ع لقل


مصطفى : جديات؟


حامد : جديات .. ياللا عدي هي قولة اقعد .. ناخذوا لنا كم يوم راحة


مصطفى : صار خلاص قررت؟


حامد : انعم .. بسرعة .. ياللا


مصطفى : ماشي فيها خيره


حامد (ضاحكا) : فيها خيره .. نمشوا نسكروا


(يضحك مصطفى و هو يخرج .. يتبعه حامد)


إظلام

المشهد الخامس






منظر طبيعي .. في الخلفية تبدو قبة مقام الولي .. حامد و مصطفى يستمعان للمذياع الذي يبث موسيقى أو أغنية أو نشيدا معينا .. يبدوان في حالة استرخاء و هما يعاقران الخمر .. تتوقف الموسيقى أو الأغنية


صوت المذيع : أعزائي المستمعين ننتقل بكم إلى إذاعة خارجية لنقل وقائع مهرجان الشعر المقاتل المقام دعما لقضية العرب الأولى .. دعما لكفاح شعب فلسطين البطولي .. فإلى هناك


صوت رئيس المهرجان : ............ هذا و قد هرع فرسان الشعر العربي كي يزرعوا طريق العدو بألغامهم .. لكي يدمروا كيانه المصطنع .. و لكي يصموا جبينه بوصمة عار لا تنمحي .. باسمكم جميعا أرحب بكل الذين وقفوا وقفة يعربية باسلة و حملوا قنابل الكلمة ليفجروها في وجه العدو ..(حامد و مصطفى يهزان رأسيهما مع كل كلمة) من خلال مهرجاننا هذا .. أهلا بكم يا صانعي مجد هذه الأمة و المدافعين عن كيانها .. أهلا بكم .. أهلا بكم و أنتم تقاتلون بالكلمة ............


(صوت تصفيق .. يحدث انقطاع في الصوت .. يحاول حامد إعادة الصوت .. يأخذ في الضرب على ظهر المذياع .. يفتح الغطاء و يشرع في محاولة الإصلاح)


حامد : خر .. خر .. خرف .. صب .. دور يا مصطفى ما تقول.. ما .. ما تقوليش كمل


(يصب مصطفى له و لنفسه .. يعيد حامد إغلاق الغطاء .. يشغل المذياع .. تسمع موسيقى)


صوت المذيع : نعتذر لهذا العطل الفني من المصدر و نعود بكم مرة أخرى لنقل وقائع مهرجان الشعر المقاتل


(مصطفى و حامد يضحكان)


مصطفى : خر .. خرررف


*صوت أحد الشعراء : ............


قيثارتان


تتبادلان موشحا


وتقُطعان


بحرير يأسهما


رخام غيابنا


عن بابنا


وترقّصان السنديان ..




قيثارتان


(صوت تصفيق حماسي .. صوت الشاعر يعيد الكلمات نفسها .. تصفيق)


حامد (يغرق في موجة من الضحك) : عاود .. عاود .. يا مصطفى .. يا .. يا .. يا مصطفى رد الشريط


مصطفى (غاضبا) : شريط؟! .. هذا مذياع موش راديو


حامد (واقفا .. يصرخ بأعلى صوته) : ييييك .. آه ..


(يضحكان .. يأخذ حامد في أداء بعض الحركات الغريبة .. و لكن يترنح من السكر .. يتهاوى أرضا)


صوت الشاعر :


أبديةً زرقاء تحملنا


وتسقط غيمتان


في البحر قربك.


ثم تصعد موجتان


فوق السلالم


تلحسان خطاك


فوق وتضرمان


ملح الشواطئ في دمي


وتهاجران


إلى غيوم الأرجوان


قيثارتان ..


(صوت تصفيق حماسي .. صوت الشاعر يعيد الكلمات نفسها .. و يستمر)


صوت الشاعر :


الماء يبكي ، والحصى ، والزعفران


والريح تبكي :


“لم يعد غدنا لنا ...”


والظل يبكي خلف هستيريا حصان


مسه وتر ، وضاق به المدى


بين المُدى والهاوية


فاختار قوس العنفوان


قيثارتان ..


(صوت تصفيق .. تنبت خلف القبة تباعا عمائم و شناني ملونة و طواقي بيض .. يسمع من جهتها صوت هرج و مرج .. يتوقف حامد و مصطفى عن الضحك .. يلتفتان نحو مصدر الصوت .. يعلو الجدال خلف القبة .. يظل صوت الشاعر كخلفية خافتة و يعلو أحيانا .. و لذلك تكتب هنا الأجزاء المسموعة من النص فقط)


أصوات : وين صاحبكم .. وين صاحبكم؟


صوت صبرة : كذا شوفه يا زيغوت بلكي راه ورا الشيخ .. إن كان صدقني الله هذي هي السيارة اللي القيناها عنده يومتا


(مصطفى يرفع صوت المذياع)


صوت الشاعر :


...........


ينكسر الزمان..


ليمر هودجها على جيشين:


مصريّ وحثيّ


ويرتفع الدخان..




( يطفئ مصطفى المذياع .. يبرز زيغوت من خلف القبة .. يرى حامد و مصطفى .. ملتفتا نحو الجمع الذي لا يظهر)


زيغوت : آهو حامد .. آهو حامد .. آهو قاعد .. آهو يرجى فينا (يتجه نحوهما) نالقنك راجل .. جاي قبلنا .. ولد حلال .. لو ما جيت إن تغدي علينا لرض .. لكن نشدنا عليك في الحوش قالوا لنا راهو سبقكم ع الشيخ (ينظر إليه حامد و مصطفى في بلاهة .. ينظر إليهما في دهشة .. يشغل مصطفى المذياع)


صوت الشاعر :


...........


لا شيء يأخذ منك


أندلس الزمان


ولا سمرقند الزمان


إلا خطى النهاوند


(يطفئ مصطفى المذياع)


حامد : هـ .. هل .. حضرت . هل حضرت غزية الغاوية؟


زيغوت : أيش ؟.


مصطفى : .. غزية .. الغا .. الغا .. وية


زيغوت : أيش ؟ .. من هي اللي غاوية .. ايش خطر الغية .. نحنا في حال غية توا ؟ .. (يضحك ضحكة ماجنة) انتو كيلي عطكم عصيدة .. اطنطنوا فيها؟


(يشغل مصطفى المذياع .. ينهض مصطفى و حامد و يتجهان نحو زيغوت و هما يقومان بإيماءات موجهة لزيغوت يشرحان بها كلمات الشاعر كما لو أن الشاعر لا يخاطب الحب بل زيغوت)


صوت الشاعر :


............


يا حب, يا مرضي المريض كفى


كفى !


لا تنس قبرك مرة أخرى على فرسي


ستذبحنا هنا


قيثارتان


قيثارتان


(صوت تصفيق يتقهقر زيغوت خائفا .. يعيد الشاعر الكلمات نفسها مصحوبة من مصطفى و حامد بالإيماءات نفسها .. صوت تصفيق)


أصوات متداخلة : كنه طول؟


صوت صبرة : يعطيكم الله الصبر .. أيش صار يا زيغوت؟ .. فيسع


زيغوت (متقهقرا و متعثرا .. لحامد رافعا صوته محاولا إسماع الجمع) : قلت : اساع انجي؟ .. ناوي تحلف؟ .. عارفك .. ما تسيبش خوتك .. انت ولد هاضاك الراجل .. آه .. باهي .. باهي ألحقني .. آ دونك الجماعة يرجو فيك (يعود مسرعا من حيث أتى) . جا .. جا . آهو جا .. نالقنه ولد حلال .. (يتحرك حامد و مصطفى ثملين بضع خطوات نحو الجمع .. حامد ملوحا بقبضته .. مصطفى يتبعه حاملا المذياع و القللوني)


حامد : ها .. ها .. انت .. يا .. يا غزية .. الغا .. الغا ..الغاوية .. قسما .. قسما .....


أصوات متداخلة (خلف المقام) : خلاص .. يا هوه عليش كثرة الخبر .. ما دامن قاعد كيفنكم حلفتو


أصوات متداخلة : نحنا وصلنا الشيخ .. حلفونا .. ما تعلقوش علينا مخلاة فارغة


أصوات متداخلة : لا لا لا هاتوا ورقكم نوقعوا لكم عليه .. لرض راهي لكم م اليوم .. و الحد هو الثقب .. الثقب .. آه الثقب .. الثقب .. لالا الثقب .. الثقب هو الثقب


(تنسحب الشنان و العمائم من خلف القبة و تخفت الأصوات .. يتهاوى حامد و مصطفى أرضا .. يصب مصطفى و يسقي حامد)
مصطفى : اشـ .. اشرب
حامد : إلي بكاشي .. بكاشي المترعة يا .. يا أبا العتاهية .. (يضحكان)


ستار

ــــــــــــــــ


* مقاطع من قصيدة قيثارتان للشاعر محمود درويش


ملاحظة : النسخة المعدلة و المصححة من هذه المسرحية بالإضافة لكل النصوص المنشورة هنا و نصوص أخرى منشورة أيضا بمدونتي على مكتوب على الرابط :
mazeltna.maktoobblog.com